حرب امرأة




بدأت الاحداث في منزل تعمه السعادة والحب والوئام كانت الحياة بسيطة والهموم شبة معدومة حتى حدث مالم يكن بالحسبان وملئت التعاسة القلوب والوجدان تمنو لو ان الحياة بقت كما كانت وبأنهم لم يستيقظوا تلك الليلة او ان يكون مجرد حلم سينتهي بمجرد ان يفيقوا.
عائلة مكونة من الاب (محمود) والام (فاتن) والابناء مريم 9 سنوات وعمار 13سنة كان محمود يعمل كخطيب في مستشفى المدينة بجانب
 عملة الخاص في العيادة والام أكملت تعليمها الجامعي لكنها لا تعمل وكانت العائلة تعيش حياة سعيدة لا ينقصها شيء الاب الطبيب المرموق
 الذي يحب عائلته والذي لا يرفض لهم مطلب والام الحنونة التي يلجأ لها الجميع في السعادة والحزن والابناء المهذبين المتفوقين دراسيا
 الذين لا يعلمون شيء من الحياة سواء السعادة التي كانت تغمرهم في منزلهم الدافئ.
مثل كل ليلة قراء الاب لأولاده قصة قصيرة قبل ان يذهبوا الى النوم وكعادتها مريم تريده ان يعيد القصة من جديد فيقوم الاب بطبع قبلة على
 جبينها قائلا: حان وقت النوم يا حبيبتي فتنام وهي مبتسمة ولا تدري بان هذه الابتسامة قد تكون الأخيرة.
في هدوء الليل وسكونه سمع الابوان أصوات مدوية قريبة فاستيقظا بهلع مسرعين نحو غرفة أبنائهم الذين كانوا يرتجفون من الأصوات
 التي تتعالى والانفجارات التي تتعاظم وسط صراخ الأطفال ودموع امهم لم يعرف الاب ما العمل ولكنة سرعان ما تمالك نفسه واستجمع رباطة
 جأشه وحاول ان يهدئ من روعهم.
ظل الوضع كما هو إلى ان طلعت الشمس وبدأت الأصوات بالاختفاء شيئا فشيئا تلقى الاب العديد من الاتصالات بان يغادر المنزل وبأن العديد
 من المنازل قد دمرت ولا بد ان ينجو بأسرته وبنفسة من ذاك المكان إلا انه لم يستطع الخروج من المنزل تعالت الأصوات من جديد وازداد
 الوضع سوء ولكن هذه المرة لم تسلم عائلة محمود أصابت منزلهم قذيفة دمرت أجزاء كبيرة من المنزل وأصيب افراد العائلة ولكن الاب توفي في الحال ولم يستطع النجاة.
بعد مرور عدة أيام استعادت فاتن وعيها وسرعان ما تذكرت الحادثة فهمت بسؤال من كان في المكان عن افراد عائلتها وما حدث لهم أخبروها
 بان الأولاد بخير ولكن زوجها قد توفي نزل الخبر علي مسمعها كالصاعقة لم تستطيع الكلام او حتى البكاء ولكن سرعان ما استعادت قواها
 وسالت عن مكان أبناءها عندما راتهم لم تستطيع حبس دموعها فأخذتهم وضمتهم وهي تقول في نفسها ما الذي سوف افعله؟ اين سأذهب؟
 كيف سنعيش؟ بعد تفكير عميق استمر طوال الفترة التي كانت فيها فاتن بالمشفى قررت الذهاب الى الريف حيث لم يتبقى لهم شيء في
 المدينة والأوضاع في تردي أكثر من السابق وصلت العائلة المنكوبة الى الريف الى منزل ترابي متهالك مهجور منذ سنين كان ملك لعائلة
 محمود استقرت العائلة فيه وعلى مضض حيث أنهم لا يملكون مأوى اخر.
عانت الام الامرين من اجل توفير لقمة العيش من اجل ابناءها ولم تكن الابتسامة تفارق وجهها الا ان الألم يعتصر قلبها والهموم التي كانت بالأمس غير موجودة أصبحت الان جزء لا يتجزأ من حياتها. استمرت فاتن بمقاومة المصاعب وقتال الشدائد كانت تقوم بتعليم أطفال القرية
 مقابل مبلغ بسيط من المال قد لا يكفي لتوفير الأساسيات التي كانت لا تبالي لها في حياتها السابقة ولكن لم يكن باليد حيلة فهي الان رب الاسرة والعائل الوحيد لأطفالها رغم كل هذه الصعاب التي واجهتها والماسي التي تعرضت لها الا ان تعليم أطفالها كان الأهم بالنسبة لها لم
 يعني لها التعب الذي كان يستهلك صحتها ولا النحول الشديد الذي أصاب جسدها فهي الان قد كرست حياتها من اجل اطفالها وستفني عمرها في سبيلهم.

استمر بها الحال لفترة طويلة وعانت الامرين في سبيل اسرتها وحتى لا تشعرهم بالنقص بعد مرور فترة زمنية ليست ببسيطة أصبحت حياة فاتن مستقرة الي حد ما صحيح بانها لا تملك المنزل المريح الذي كان ملكها بالسابق ولا شريك حياتها الذي سرقته منها الحياة دون سابق انذار الا انها أصبحت قادرة ان تعيل ابناءها ولو بالشيء البسيط واستطاعت ان تكمل تعليمهم بالرغم من كافة الصعاب التي واجهتها والتي قد تواجهها في المستقبل هي ليست سعيدة كما السابق وقد لا تكون كذلك ابدا لكنها لن تستسلم وستستمر في مواجهه الحياة وعثراتها وستكافح من اجل أبناءها ومستقبلهم.        


شذى نجيب

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تربة الحجرية تتراقص على أنغام المؤآمرات

خرب امرأة

لنتعايش