.التسول ظاهرة تغزو السوق وبأيدي ناعمة. .




في  مجتمع ظلت المرأة فيه

لأعوام عديدة كقوس قزح موسمي الظهور في سماء البناء والعمل ..

وسرعان ماعملت لتجميع تلك الألوان السبعة لتصنع منها نجما دائم السطوع ينير سديم هذا الكون ..

حتى صارت المرأة شعلة في ميادين العلم والتنمية فمنها الطبيبة والمعلمة والاعلامية والمهندسة.

لك  ويلات الحروب لم تتركها كي تضيئ الكون  برمته ،

فمن غازات القنابل وغبار الدمار تصاعد دخان كثيف ليشكل سحابة سوداء حجبت جزءا من ذلك النور الذي ترسله المرأة من سماءها ، لتصبح تلك السحابة السوداء هي الجانب المعتم الذي فرضته الحرب على المرأة فأطفأت نورها ،
وحولتها من ميادين الابداع والعمل الى سوق الشحاذة والتسول ..
ففي مدينة التربة لاتقل اعداد  المتسولات عن مائة وخمسين  بين نازحة ومقيمة كما افاد بائعو القات وبعض تجار المدينة ...
حتى صارت اعدادهن تفوق اعداد المتسولين من الرجال بأضعاف مضاعفة ..
ففي الامس القريب لم تكن هذه الظاهرة الا ضربا من خيال لايرى لها في الحقيقة الا مايتركه الماء على الغربال ..
لكن مصارع الحرب هي من حولت ذلك العدم الى وجود ..
وحين القينا بعض الاسئلة على عينة من تجار وبائعي المدينة عن عدد التي ترتاد عليهم في اليوم الواحد وعن ماذا يبحثن بالتحديد. .؟؟

كان اجاباتهم كالاتي .

''يقول بائع القات باسم عبدالملك ٣٠ عاما : تزورني في اليوم اكثر من عشر متسولات بعضهن يبحثن عن المال وبعضهن عن القات ..

بينما أحد تجار الاغذية والذي رفض ذكر اسمه ، يقول انه في اليوم الواحد تمر عليه اكثر من عشرين متسولة نصفهن يبحثن عن المال والنصف الاخر يبحثن عن المساعدة الغذائية. ..
واردف احد مالكي المطاعم قائلا انه تتردد عليه باليوم الواحد اكثر من خمسة عشر متسولة وجلهن يبحثن عن لقمة لسد الرمق لاأكثر.
وحين قمت بسؤال احد المتسولات تبلغ من العمر ٣٥ عاما وأم لأربعة ابناء، وكانت نازحة من مدينة تعز،ماالذي يدفعك لهذه الظاهرة ومنذ متى وانت فيها ؟؟

اجابت قائلة ان مايدفعني هو الجوع والحاجة والفاقة لاأكثر ..

وكل ذلك نتاج هذه الظروف التي اخذت منا طرق كسبنا بجانب اخذها من كانوا يعيلوننا لانهم قد صاروا في عداد الموتى والضحايا ...اما فترة لجوئي لهذه الظاهرة فهي منذ اندلاع الحرب في تعز قبيل ثلاث سنوات تقريبا ...
ظاهرة لم تعهدها التربة ولا اليمن من قبل ..
فبعد ان كانت الأيادي الناعمة اداة تطبب الروح وتبرأ الجروح وترتق الفتق وترأب الصدع ...
هاهي اليوم أداة تتكفف الناس أعطوها أو منعوها ..
                                                                                   
                                                                                              بلال العزعزي

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تربة الحجرية تتراقص على أنغام المؤآمرات

خرب امرأة

لنتعايش